المقالة السابعة، لاعبي السيرك، بابلو بيكاسو.

 

 Family of Saltimbanques, 1905 زيت على قماش، المرحلة الوردية لبيكاسو

لوحة ( عائلة لاعبي السيرك المتجوّلين ) للفنان الاسباني بابلو بيكاسو 


يعتبر بابلو بيكاسو أحد اكثر الفنانين نشاطا وتأثيرا خلال القرن الماضي ، وقد أحرز نجاحات كثيرة في ميادين الرسم والنحت والسيراميك ، كما تمرّس في العديد من الأساليب الفنية لكنه برز على نحو خاص في الرسوم التعبيرية وابتكر ما ُسمي في ما بعد بالتكعيبية .
كانت أعمال بيكاسو تتسم بغلبة اللون الزهري عليها ، ومن هنا سميّت هذه المرحلة بالمرحلة الزهرية ، وجزء كبير من رسوماته التي أنجزها في تلك المرحلة كانت تعالج قضايا المشرّدين والمهمشين ولاعبي السيرك .


واللوحة المختارة هنا تنتمي لتلك المرحلة واسمها ( عائلة لاعبي السيرك المتجولين ) وهي تصوّر جماعة من لاعبي السيرك ، لكن بيكاسو أراد أن تكون اللوحة تعبيرا مجازيا عن الفنان الحديث الذي لا جذور له حيث لا يعمل تحت رعاية ملك أو نبيل أو كنيسة ، فالحداثة ، طبقا لبيكاسو حالة تشرّد وعزلة.

 تتجمع فرقة السيرك وكأنها تغادر، بالمعنى الحرفي والمجازي، من حيث تطور بيكاسو. بيكاسو مرة أخرى هو المهرج، الذي يحمل الفتاة الصغيرة، أما الأشخاص الظاهرون في اللوحة فهم بيكاسو نفسه واصدقاؤه، حيث يرتدي هو ثياب المهرّج إلى اليسار ، ثم هناك ابولينير الشاعر والناقد وأول من ابتكر مصطلح السوريالية ، والشاعران اندريه سالمون وماكس جيكوب ويمثلهما الولدان الصغيران ، أما الأنثى الجالسة إلى اليمين فهي فرناند خليلة بيكاسو ، والطفلة الصغيرة التي تمسك بيد المهرج هي ابنة بيكاسو وفرناند بالتبني .

أما الحيز الفارغ إلى أعلى فيرمز للغياب النسبي للأفكار التي رافقت المرحلة الزرقاء : الشعور بالتوق والوحدة والنبذ والخواء .
والأشخاص هنا اكثر تحديدا ووضوحا من أشخاص المرحلة الزرقاء الذين كانوا يتّسمون بالتشوهات المؤلمة .
ورغم أن الألوان أصبحت فاتحة اكثر مع ألوان زهرية اكثر دفئا ، فان المزاج السائد ما يزال سوداويا إلى حدّ ما مع إحساس بالارتياح النسبي المشوب بالمرارة .
استمرت المرحلة الزهرية سنة واحدة فقط بعد المرحة الزرقاء لكن بيكاسو لم يعد يشعر بالغربة فقد اصبح له صديقة وعائلة من نوع ما ، واصبح يقضي بعض الوقت في السيرك لاكتساب أصدقاء جدد .
الأرض التي يقف عليها الأشخاص في اللوحة منعزلة ونائية ، ورغم أن بيكاسو يربط كل واحد منهم بالآخر وفق وضع محسوب بعناية ، فان كل شخص منهم منعزل نفسيا عن الآخرين ، وفي المرحلة الزهرية ابتعد بيكاسو عن الصور المثيرة جدا للشفقة، ففي هذه اللوحة يسود جو هو مزيج من الاستبطان والتأمل الحزين .



المراجع:

https://www.nga.gov/collection/highlights/picasso-family-of-saltimbanques.html

https://aldardarak.blogspot.com/2009/05/blog-post.html#



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الهوية والفن الحديث في الشرق الأوسط-الفن التشكيلي في اليمن

قضايا العالم الثالث