المقالة الخامسة - التحليل النفسي سلفادور دالي
التحليل النفسي لعمل الفنان سلفادور دالي
الرسام السريالي سلفادور دالي في لوحته الشهيرة "إصرار الذاكرة" (The persistence of memory)، المرسومة عام 1931، ما بين الحرب العالمية الأولى والثانية، واحدة من أكثر تمثيلات الذاكرة غموضًا، الساعات ذائبة ورخوة والمكان مبهم وغريب.
أُطلق على سلفادور دالي اسم شقيق له كان قد توفي قبل ولادته بثلاث سنوات، ويقول سلفادرو دالي عن ذلك: "لقد كنت في نظر والدي نصف شخص، أو بديل، وكانت روحي تعتصر ألماً وغضباً من جراء النظرات الحادة التي كانت تثقبني دون توقف بحثاً عن هذا الآخر الذي كان قد غاب عن الوجود".
عاش دالي مُرفهاً بين أسرة ثرية، وكان والداه يوفران له كل مطالبه. ونتيجة لدلاله المبالغ فيه فقد عُرف عنه سلوك الطائش، كدفعه صديقه عن حافة عالية كادت تقتله، أو رفسه رأس شقيقته "آنا ماريا" التي كانت تصغره بثلاث سنوات، أو تعذيب هرّة حتى الموت، واجداً في أعماله تلك متعة كبيرة كالتي كان يشعر بها حين يعذب نفسه أيضاً حيث كان يرتمي على السلالم ويتدحرج أمام نظر الآخرين. ولعل هذه التصرفات التي أوردها سلفادور دالي في مذكراته فيما بعد هي التي شكّلت الشرارة النفسية الأولى للمذهب الفني الذي اختاره للوحاته .
وفي إصرار الذاكرة استخدم دالي تقنيات رسم واقعية للغاية ومفهومة للعين، مثل الساعات والحشرات، من أجل تصوير معنى يتجاوز حدود الواقع لكن يمكن استنباطه بالنظر في تاريخ اللوحة، و نرى بوضوح تمثيل واقعي لحالة عدم اليقين الهائل تلك،وشخصية دالي التي كانت تجنح للجنون وربما للاضطراب النفسي، وقد تكون هذه اللوحة من أبرز الأشياء التي خلّدت ذكراه بالفعل كما كان يرغب. بأسلوب سريالي، اللفظة التي تعني تخطي حدود الواقع. فالساعات، الرمز الأبدي للوقت، مغطاة بالنمل، أصابها قرح وتعفنت. واستخدام التعفن هنا هو الآخر رمزية لتداعي مفهومنا الثابت عن الوقت وعما هو حقيقي وواقعي أمام الحروب العالمية والاكتشافات والنظريات العلمية.
المراجع:
تعليقات
إرسال تعليق