عالم كريستينا، المقاله الرابعة
عالم كريستينا، ١٩٤٨،اندرو وايث، الواقعية.
المنهج الاجتماعي
لوحة عالم كريستينا من أشهر لوحات الفن الأمريكى وقد رسمها الفنان أندرو وايث عام 1948 فترة الواقعية عندما كان فى زيارة لمزرعة آل أولسون فى مين وعاش فيها لبعض الوقت وقد استلهم موضوع اللوحة من ابنة صاحب المزرعة كريستينا أولسون، وكانت كريستينا قد أصيبت فى طفولتها بشلل الأطفال الذى جعلها غير قادرة على المشى، وكانت امرأة شديدة المراس قوية العزيمة رفضت أن تقضى حياتها على كرسى متحرك فكانت تتحرك زاحفة على الأرض تنتقل من مكان لآخر بقوة ساعديها.
تصور الفتاة كريستينا وحيدة عاجزة فى فضاء شاسع تجاهد فى سعيها الحثيث لبلوغ منزلها سفل الجزء الأيسر من اللوحة تقبع الفتاة المشلولة على الأرض المكسوة بالعشب الكالح، ويردد لون فستانها الزهرى الباهت حالة التقشف التى تغلف جو اللوحة، لا نرى إلا مؤخرة رأسها ولكننا على يقين أنها تثبت نظرتها على هدفها المرجو وهو ذلك المنزل القائم على قمة التل من وضعية جسدها المرتفع عن الأرض على ذراعيها النحيلتين وساقيها العاجزتين ويديها القابضتين على العشب بإصرار يبدو واضحا أنها تجاهد زاحفة للوصول إلى المنزل الضوء الغائم الذى يغلف جو اللوحة يزيد من الإحساس بالكآبة ورغم أن الظلال الملقاة على جسدها تشير إلى سقوط أشعة الشمس مائلة من يمين اللوحة إلا أنها أشعة باهته آفلة في أعلى التل تنتصب مجموعة من المبانى الرمادية التى تبدو مقفرة وحيدة فى الفضاء المترامي الأطراف ويزيد من عزلة المشهد هذا السياج الذى يحيط برقعة الأرض المحيطة بالمنزل وتتضافر كل هذه العناصر لتزيد من الشعور الحاد بالوحدة والضياع الذى يغلف جو اللوحة برغم أن جميع الخطوط الموجودة باللوحة تؤدى للمنزل لتؤكده كهدف مثل الطريق الصاعد يمين اللوحة والذى يؤدى إلى المنزل والمنحنى الذى يؤطر رقعة العشب اليابس الذى يقطع اللوحة فى ثلثها الأعلى ثم يدور صاعدا إلى قمة التل وقطعة الأرض المحيطة بالمنزل إلا أنها فى مجموعها تساهم فى زيادة عزلة الفتاة حيث إنها جميعها تقع فى الثلث الأعلى من اللوحة تاركة المساحة الأكبر أسفلها للفراغ الواسع الذى تقبع فيه الفتاة.
تتكاتف عناصر اللوحة لتؤكد الإحساس بأن وصولها إلى هدفها سيكون صعبا وبعيدًا عن متناولها فالفضاء الواسع يؤكد صعوبة الرحلة ومشقتها والمنظور المتطلع لأعلى يزيد الأمر مشقة فعليها ليس أن تقطع هذا الطريق الطويل زاحفة فقط وإنما أيضا متسلقة هذا المنحدر الذى سيقودها لأعلى التل.
مشهد هذه الفتاة القوية وهي تزحف على الأرض بدلاً من أن تستسلم للمرض كان له تأثير قوي عليه، فقد ذكره المشهد بحياته الشخصية والمعاناة التي وجدها عندما كان صغيراً، حيث كان معتلّ الصحة في عمره الباكر، فنشأ معزولاً في المنزل إذ تخوفت عليه أسرته من المرض ولم يذهب إلى المدرسة فتولى أمر تعليمه في البيت عدد من المدرسين الخصوصيين.
عاشت الفتاة كريستينا تجربة الإعاقة والمعاناة، معتمدةً على إصرارها وقوّة عزيمتها، وبعد وفاتها كتب عنها وايث قائلاً: «إنها كانت امرأة شجاعة لم تكن تطلب شيئاً من أحد، وكانت على الدوام كريمة ومعطاءة»، تلك هي حكاية بطلة هذه اللوحة الأيقونة التي تعتبر اليوم جزءاً من المعروضات الدائمة في متحف الفن الحديث في نيويورك.
المراجع:
https://www.alkhaleej.ae/2023-07-29/%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-
https://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=14082020&id=613cbee1-5d9c-48fa-88ca-a9a9e261e909
تعليقات
إرسال تعليق